الجمعة، يونيو 26، 2009

صياد المدينة الأسيرة




انطلقت مآذن المدينة الأسيرة تعزف أنشودة الخلود :"الله أكبر ، الله أكبر " ،بدّد النداء بعضاً من السحابة السوداء التي

لفّت بيوت المدينة ، كان ديك العم أبي محمد يردد خلف المؤذن ، فنهض على عادته وأيقظ زوجته وأطفاله الذين اصطحبهم إلى المسجد ليكونوا- كما اعتادوا - في صفوفه الأولى .
بدأت الشمس تنشر أشعتها على البيوت المتلاصقة ،بينما كان أبو محمد – صاحب الأسرة المكونة من ثلاثة عشر طفلا ً-يجلس غارقاً في بحار من التفكير ،"يا ترى كيف أجمع لأطفالي قوت يومهم الجديد ؟؟ يا الهي كنزة أحمد لم تعد كفيلة بحماية جسده النحيل من سيوف البرد التي تمزق الأجساد ،وفاطمة مريضة لم أحصل لها بعد على العلاج ".
ألقى نظرة على شبكته الملقاة في ركن الغرفة فتذكر منظر البارجات التي تغطي مياه البحر الزرقاء،ازداد كآبةً لسبب أنه مضطر لأن يقف في طابور مساعدات "الأنروا " .
اتّجه بخطواتٍ مثّاقلة إلى مكز تقديم المساعدات وحيث انتهى الطابور وقف ينظر إلى بدايته فلم يستطع أن يصل لتلك البداية ، وبكثير من اليأس والاحباط وتحت جو صنعته سماءُُُُ ُُُ غاضبة وقف ينتظر دوره الذي على ما يبدو أنه لن يأتي ،مرّّّّت ساعة ...ساعتان ..ثلاث ولم يحن دوره بعد ، وأثناء الانتظار كان يمر بين الفينة والاخرى رجلُُُ ُُُ قصير القامة ،شعره أصفر طويل غطت نظارته السوداء ما يقارب ثلث وجهه - موظف من موظّّّّفي الأنروا -،كان يمر عليهم يلفهم بنظرات استحقار واذلال ، يسأل هذا عن أوراقه وذاك عن مكان سكنه وآخر عن اسمه ،مُُُُطلقاًًًً ضحكته السخيفة بعد كل اجابة يسمعها أيّّّّّاًًًً كانت .
جلس أبو محمد الذي أنهك جسده المريض طول الانتظار والوقوف لساعات طويلة ،فإذ بصوت ذلك الموظّّّف :"انهض أيها اللاجىء أتريد أن تفسد النظام وتجلس في منتصف الطابور ..هه أم أنك تريد أن تتسول دقيق أطفالك وأنت مستريح ؟؟؟"
كان وقع كلمات هذا الحقير أصعب من وقع ألف سيف على ابي محمد ، نعم بدت سيوفاً تقطع كرامتع إرباً إرباً ، نهض تاركاً الطابور مُُُوَََجّّّهاً للموظف نظرات غاضبة قائلاً:" لا تسقني كأس الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل "


عاد إلى بيته ، طرق الباب بعنف متردد فأقبل طفله متلهّفاً لما أحضره والده معه ولكنه بدا خائباً عندما وجد يديّ والديه فارغتين ، توجّّّه هو إلى شبكة الصيد وبدى عازماَ على التوجه إلى البحر ، لحقت به زوجته تناشده بألا يفعل فما بقي على مغيب الشمس هو أقل من ساعة واحدة ؛وبذلك يكون الخطر أكبر ،حاولت منعه ولكن عبثاً ...!!!

سحب شبكته متجهاً إلى الشاطىء ، كانت الشمس على مغيب وبدأت كشّّّّّافات البارجات بالاستعداد لتنشر أضواءها على مياه البحر وما بعد البحر من بيوت المدينة الأسيرة ، بالرغم من ذلك بدا الصياد أقل اكتراثاً فمشى بشبكته إلى نقطى قريبة من الشاطىء وألقى شبكته في كل اتجاه عسى أن تعلق بها بعض سمكاتٍٍٍٍ صغيرة أبقتها المواد السامة على قيد الحياة .

وبعد جهدٍ كبير استطاع الصّّّّياد القنوع أن يحصل على ما يكفيه ليطعم أطفاله ، وبحذرٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ شديد حمل شبكته على كتفه مُُُُُبتعداً عن مدافع الزوارق التي انتصبت في عرض البحر ، وبدا سعيداً بما حصل عليه دون أدنى ذلٍ أو اهانة من أي جهة .

وبينما كان يمشي مبتعداً عن الشاطىء........ فإذ برصاصة غادرة تخترق جسده وتبعتها ثانية ، سقطت الشبكة من يده و بعد لحظات تبعها جسده الذي تهاوى أرضاً فسال دمه الأحمر القاني على رمال البحر العسجدية راسماً مع قشور السمك الفضيّّّّّة أجمل لوحة ممكن ان تغيب عليها الشمس .....


وبصوت واحد رددّ الكون حزيناً
يا بحر وين البحار تيقولك هيلا ويلف السبع بحار بيوم وليلة


اضاءة .

* القصة تسلط الضوء على معاناة الفلسطيني لا سيما اللاجىء ومعاناته مع الأنروا ، ومن الجدير ذكره أن كل ما تقدمه الأنروا للاجىء الفلسطيني لا يتتعدى ان يكون أبسط حقوقه التي تردهه له مقابل ضلوعها في بيع أرضه وتهجيره والصاق اسم اللاجىء به ..

* كما انها توضح مدى خطورة المنفذ الذي بات وحيداً لسكان القطاع

هناك 11 تعليقًا:

بحر الإبداع يقول...

السلام عليكم

أخيتي سجود..

كيف حالك وشو اخبارك وكيف ترتيل آيات الرحمن معك ؟ أسأل الله أن يوفقك وأن يُلبس والداك تاج الوقار.

أخيتي ..
كم هو الحال صعب ، وكم المأساة كبيرة وتحيطنا من كل جهة ، ودوماً ما اقول " أيها الفلسطيني لن يعيش جرحك سواك "
انا لن أتحدث على اللاجئ الفلسطيني فحسب ، فكل من يعيش على أرض غزة يعيش مرارة العيش وقسوة الحياة

أخيتي ...
سنشكو حالنا لربنا فهو خلقنا وتكفل برزقنا وحياتنا ، لقد فقدنا الأمل من مليار ونصف المليار ، لقد أغلقوا امامنا أبواب الأرض ، فلجأنا إلى باب السماء الذي لا يُغلق .
لله دركم اطفال غزة ، لم يعش اطفال العالم مثل حياتكم القاسية وظروفكم الصعبة ، نحسبه ابتلاءاً من الله وتمحيصاً للذين آمنوا ..

بارك الله فيك اخت سجود ، وحفظك الرحمن من كل سوء
دمت في رعاية الله

الحرية للقوقا يقول...

اختي سجود، ردي انتي عرفاه
كعادة متميزة ومبدعة
بارك الله فيك

المجاهد الصغير يقول...

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
"اللهم انصر الاسلام والمسلمين وارفع رايه الحق والدين "
حسبنا الله ونعم الوكيل
واللهِ لو اهانت قطه او كلب فى بلادهم فالدنيا لاتستقر الا ما يأخذو حق هذا الحيوان ؟؟؟اين انتم ياعرب من ذلك فيهان الانسان فى بلاده من الغرباء ولا يقدر ان يفتح فمه ويستشهد الكثير مدافعين عن ارضهم عن عرضهم ؟؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل
دمتى بكل خير

سجود يقول...

بحر الابداع
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
والله الحمد لله بخير أكيد ما دمت أنام وأصحو وأنا أرتل ايات الكتاب الحكيم وأحفظها ....انا الأن أتممت الجزء الثاني عشر بفضل الله .


بالفعل أخي لن يعيش جرح الفلسطيني الا الفلسطيني وحتى لو تضامنوا معنا وزعموا أنهم يشعرون بنا ولكن "لا يشعر بالجرح الا من به ألم"

بارك الله فيك ،،بحفظ الله ورعايته

سجود يقول...

الحرية لنوفل
أخي خالد بارك الله فيك وهذا كله من ذوقك

دمت بخير

....................
المجاهد الصغير
"آمين أختي ..نسأل الله أن ينصر كل المسلمين "

وحسبنا الله ونعم الوكيل عليهم
دمتي بخير أختي

جذور الأمل يقول...

عزيزتي
أسلوبك جميل ويعبر عن المراد
وأرجو أن يرتقي أسلوبك أكثر وأكثر
عليك بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة ....حتى نراك نجمة لامعة في سماء الأدب .

"النجم القادم" يقول...

الله يعزك يارب

ابدعتى عزيزتى

حياتى نغم يقول...

السلام عليكم / لا تكفى كلماتى فى تحيتك على بلاغتك وقدرتك الفائقة فى توصيل ورسم صورة معاناة شعب فلسطين الحبيب .
اللهم كن عوناً لهم آمين .
جزاكِ الله خيراً أختى سجود .

سجود يقول...

هديل
أختي بوركتي ، وأنت تعلمين كم أنا أحب قراءة الأعمال الأدبية ، وسأحرص على الاستمرار في ذلك ان شاء الله

دمتي بخير
=================================
النجم القادم
ربنا يبارك فيك ومبروك رجعتك لعالم التدوين

دمت بخير

==================================
حياتي نغم
أهلأ بك أخي ،، أن رسم صورة القضية الفلسطينية هو مهمتنا ونتمنى أن نوفق بها

جزاك الله خيرا أخي

saheda.com يقول...

حمله دعم قناه الهدى الاسلاميه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تتعرض قناة الهدى الناطقة باللغة الإنجليزية لدعوة غير المسلمين إلى أزمة هذه الأيام وتحتاج للدعم قبل أن تسقط !

وقد دعا فضيلة الشيخ / محمد حسان كل قادر مستطيع ولو بالشيء اليسير أن يساعدة القناة في أزمتها

وقد قال حفظه الله بأن الأمة تأثم إن سقطت هذه القناة !

فها نحن الآن نضع بين يديكم حملة لدعم القناة للنهوض بها فمن يستطيع المساعدة فاليفعل كذلك نرجو نشر هذه الموضوع في كآفة المواقع والمنتديات

طرق الاتصال بالقناة من الموقع الرسمي لها

Email: feedback@huda.tv

Office Tel: +202 3 8555 252

Office fax: +202 3 8555 254

LIVE Tel: +202 3 8555 248/249

بيان من موقع القناة لمن يريد رعاية برنامج .. عبر هذا الرابط
http://huda.tv/pages/sponsor_form.html

فمن لم يستطيع المساعده بالمال ينشر الخبر فى المنتديات والمدونات

اروا الله من انفسكم خيرا

هدى التوابتي يقول...

السلام علبكم..والله لا أدري ماذا أقول سوى صبرا ياأهل غزة..ولكم الله واعذرونا على تقصيرنا وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل الخونة الذين ساعدوا في حصاركم وأدوا إلى هذا الوضع..وجزاكي الله خيرا