الخميس، أبريل 16، 2009

ويمر السابع عشر من أبريل مرة أخرى وأنت صامد ......

خلف قضبان حديدية جلس ينظر الى القمر المصلوب من خلال ذاك الشباك الصغير في أعلى الجدار الاسود ..

بدا سارح الذهن منشغل البال ...على ما يبدو أنه يتذكر ذلك اليوم ، يوم أن طعن "هيشما " الجندي الاسرائيلي الذي اعتدى على بيته،

نادوه رفاقه : سمير ...سمير ..سمير

لكنه لم يلتفت لهم ، يبدو أن صورة طفلته صاحبة السنوات الثلاثة استحوذت على ذهنه ، وبسمة زوجته حين كانت تلقاه ما زالت معلقة في باله ...

هُزّ باب الزنزانة على صوت وغد ، قطع على سمير سلسلة أفكاره ، التفت جميع السجناء الى نافذة الباب في انتظار السبب الذي قدم من أجله السجان . تحولت أنظارهم جميعا نحوها وحدقوا بصمت.

جال بنظره على السجناء ، ثم ضحك ضحكة مستهزئة ، جرى صداها في جو الزنزانة الهادئ ، وكان سمير هو من قدم السجان لاجله ...
سحبوه كالعادة الى غرفة التحقيق ...
وعاد سمير على غير عادة السجناء .....لم يكن فرِحا فحسب ، بل كان يكاد يطير فرحاً ، فقد اخبره السجان الانقر على غير عادته بخبر جيد.
اندفع سمير وأخبر أصدقائه بما لم يكن يصدقه عقل ...
حزم أمتعته ولم ينسَ أبدا صورة ابنته وأشياء كتبها في سجنه لها ، وسلسلة جميلة نقشها في سهره مع القمر طيلة كل الاعوام الماضية ، وكان ينتظر يوم خروجه ليهديها لغاليته .
ودّع جميع الأسرى بدموع ومشهد صعب ،داعيا لهم بالحرية ..
خرج من باب الزنزانة متوجها لادارة السجن يطير فرحا لا مشيا ، رأى من خلف الشباك ابنته وقد كبرت وزجته تنتظره ، يبدو أنهم أخبروها بموعد اطلاق سراحه مع أنه أحبّ أن يجعلها مفاجئة ولكن لا يهم طالما انه سيخرج ويلقاهم .
كان ينظر لهم من خلف النافذة الزجاجية ومكهرب الاسلاك ، فناداه الضابط مستهزئاً : أحزمت امتعتك ؟ أجاب بكل ثقة : نعم وانا مستعد للخروج .

ضحك مقهقها وقال : أريني ماذا لديك ، سحب من بين يديه أمتعته فنثرها على المكتب وأخذ يبعثرها وما زال صوت ضحكته عاليا مغيظاً
فتّش حتى وصل الى السلسلة التي نقشها والقمر لابنته ، فرماها على الأرض وداسها
صرخ الاسير فيه : لماذا انها لابنتي
رد مستهزئا : ومتى ستلقاها يا احمق انك قتلت جندي يعني أنك لن تخرج من هنا الا بكفنك يا احمق
اصدقت ما قلناه لك ، عد الآن الى زنزاتك الابدية ....
ويرجع هو الى زنزانته منهارا ينظر الى زوجته وابنته خلف مكهرب الاسلاك ويمضي .........




_11500 أسير وأسيرة فلسطينية من الضفة وغزة وارض ال48
_126 أسيرة بينهن منعزلة وقاصرة
_423 طفل بينهم 80 مريض
_1600 أسير مريض،550 منهم بحاجة لعمليات جراحية ،و16 أسير مريض بالسرطان .
_159 أسير استشهد منذ اوسلو.
_ اربعين نائبا ورئيس المجلس التشريعي أيضا أسرى .....
أصبح الوقت متأخرا من الليل أتمنى ألا ينغص موضوعي هذا على العرب سباتهم .
اليوم 17 /4 يوم الأسير الفلسطيني وما زالوا أسرانا خلف قضبان الحديد يقبعون........
أسرانا : سيبقى الدمع أحزانا لبعدكم
وهل للعين غير الدمع يدميها ؟
ويبقى القلب مشدودا لطرفكم
فعيش القلب دونكم غدا دوناً وتسفيها ....
وتناديك أمك يا أسير: من جوا الزنزانة سمعتك يا أمي تناديني يا مهجة فؤادي يما انت حبة عيني
قالولي انك عطشان جوعان يمّا وبردان قالوا عن صبر أيوب متل الفلسطيني ...متل الفلسطيني .
هاي دمي ياما وارسم هالاطفال الاجئين ...... من رفح حتى الناقورة لوّن فلسطين
وان جالك الخبر بالموت اوعى تعيش حزين ....هاي روحي مع روحك يمّا تكرم فلسطيني ...
تكرم فلسطيني ....
واسمع نداء طفلتك يا أسرنا :أبتي ...صبرا يهون الأذى ان يشرف الهدف
أنا في انتظارك حين تخرج نبدأ درب ثورتنا ونعتصف قواعد الظلم والطغيان والسفك
ويرد الأسير : سأرفع هامتي للشمس أستعلي ومن ظلم الزنازين
سأخرج في يدي المشعل لأرشد أمتي العزلاء ..أصنع للغد الآتي بطولات ومستقبل ........
الحرية للأسرى


الثلاثاء، أبريل 07، 2009

أوراق في الغرفة القرميدية ..........






زاحمت الشمس الضباب ، بالكاد وجدت لنفسها مكانا ،أما هو فقد ألقى بالحقيبة على الأرض ،أخذ يرمي فيها ملابسه


ويكدسها دونما أي اهتمام ، انتهى ...أغلق الحقيبة رغم أن بعض الملابس تدلّت منها ، حملها وقبل أن يخرج ، ألقى


نظرة على دفاتره المكوّمة في ركن الغرفة والتي تحوي كتاباته من أشعار وقصص وخواطر ، كانت الورقة الطافية على


وجه بحر من الأوراق هي آخر قصة خطها قلمه عنوانها :"في الغرفة القرميدية ..ساعات الليل لا تنتهي "،زاده ذلك إصرارا وعزيمة


على الرحيل ،انتزع حقيبته من أرض الغرفة القرميدية ، خرج منها إلى ساحة البيت


المكشوفة ،و توجه إلى الباب معطيا العجوز أمه ظهره ، نادت عليه : " ولدي أهذي هي النهاية ...تتركنا وترحل ؟؟

_أمي هذا البيت لا يوجد فيه ما يستحق العيش لأجله


_ولدي لعل الفرج قريب

_ أمي ....هواء الغرفة القرميدية بات قاتلأً

_ولدي أرجوك ....


_أمي لا تكملي الحديث أنا عازم


مشى بخطوات بطيئة نجو الباب ، وقبل أن يفتحه أغمض عينيه ؛ ظناً منه أن الشمس قويةأشعتها خارج القرميد ، ومن الممكن أن تؤذي عيونه ، وبعد ما فتحه فتح عينيه المغلقتين

فوجد أن الضباب يغطي السماء خارج بيت القرميد أيضاً ، لكنه مضى ، مضى وهو يستمعصوتاً يناديه : _أخي أخي انتظر

_ ماذا تريد ؟

_أخي قبل أن ترحل كنت أريد أن أشكرك على هذه القصة التي أخذتها منك لأقراها ، شكرا .....لقد علمتني بها الكثير ، ما لن أنساه أبدا

وببالغ من الدهشة تناول ما بيد أخيه من أوراق ، نظر إليها ، شدّ انتباهه عنوان القصة المكتوب بخط يده العريض " لا
ينتزع الفجر إلا من سواد الليل " ، سرت القشعريرة في جسده ، ارتخت يداه .......لم يعد قادرا على حمل حقيبته ..... سقطت أرضاً.
ذرف دمعة من عينيه العسليتين ، مسح على رأس أخيه ، وحمل حقيبته مرة أخرى ولكن كانت خطاه هذه المرة متجهة إلى بيت القرميد




أحبك يا وطني

احبك يا وطني