السبت، أبريل 07، 2012

بَلْ يَقْتُلونَهُمْ رَمْيَاً بِالعِرْض




"كيف يقتلون الرجل يا أبي ،ويبقى حيّاً؟" ، سأل مُستغرباً بعد تفكيرٍ تبع نشرة الأخبار.



صمت أبوه بمقدار ما يكفي لحبس دمعة اقتحمت العين فجأة ، أراد أن يبلع ريقه ليجيب ابنه ، ففاجأه الحلق بالجفاف.


تابع الابن:أَرَمْياً بالرصاص ؟ ، ولكن المرميّ بالرصاص لا يبقى حيّاً!


قال أبوه بصوتٍ متقطع : بل رمياً بالعرض !


قال الابن وقد شحب وجهه إذ لامست مسامعه كلمة (العرض) التي اعتاد –وهو الصغير- أنها خط احمر لا يحق لأي كان أن يقترب منه ، قال : لست أفهم دمعتك المحبوسة في مقلتك ، اشرح معاني مفرداتك أكثر .


تنهّد أبوه تنهيدة تشي بمقدار الألم وقال : اسمع ، لو كنت تمشي وأختك في الشارع فعاكسها أحدهم على مرأى ومسمع منك ، هل يؤذيك ذلك ؟


قال: بل يمزقني أن يمس احدهم أختي أو أي عفيفة بنظرة.


نهض أبوه الذي أعياه السؤال ، نظر إلى النافذة ، حدق في السماء ، ليخفي تعابير وجهه عن ابنه ، ثم التفت نحوه وقال بهدوء يغمره حنان أب : أخبرك ، ولكن أخاف على قلبك الصغير يا بنيّ أن ينكسر ، فما سأقصه لك لو قصصته على جبل لتصدّع ألماً.


ردّ ولده الذي ثقفته وسائل الإعلام فأضافت أعماراً إلى عمره : لا تخف على قلبي ، فمنذ ولدت وأنا أتجرع خيبات الإنسانية.


قال أبوه : أرأيت العراق ، كيف اغتصبوها بنو الأصفر على مرأى العالم ...


يا ولدي ..إن بشراً يمتهنون الفساد ويتقاضون عليه راتباً ، يقتحمون بيتاً آمناً إلا من أذاهم ، فيجمعون الرجال ويوثقون قيودهم في زاوية غرفة ما ، بعد أن يُوسعوهم شتماً وضرباً ..


يقاطع الولد مفزوعاً : والنساء ! ، يضربون النساء ؟


يُكمل أبوه : ثم يأتوا بالنساء المهلوعات وعلى مرأى .... – يجهش بالبكاء حتى يعلو صوت النحيب ، بدون أن يمسح دموعه التي بللت لحيته ، يُكمل - .... وعلى مرأى رجالهم المُقيدين ، ينزعون عنهن ملابسهن ، ويغتصبوهن ، فتصرخ الزوجة باسم زوجها والأخت باسم أخيها مُستنجدة ، فيصرخ الرجل المُقيّد ، يحاول فك قيوده لينقذ عرضه من المذبحة ، فيفشل ..


يضع الأب رأسه بين كفّيه ، يجهش بالبكاء مُكرراً " يفشل .. يفشل"


يستأنف : يكرر مراراً محاولته إلى أن يصاب بالجنون وهو يسمع قهقهات رجالك الحكام فوق عرضه الصارخ الباكي ، عرضه الذي عاش يخشى أن تمسه نسمة هواء فتؤذيه ، اليوم يدمره إعصار من انحطاط الحاكم ، وعلى مرآه ..!!!


ثم –يا ولدي- يذبحون بعض النساء أمام رجالهن ، فيدعوا الدماء تبلل ملابسهم ، كي تلاحقهم رائحة الدماء أينما حلّوا .. ، ويأخذن الباقيات إلى حيث لا يعلم بهن أحد .


ولسوء الحظ أنهم يتركون الرجال أحياءً ، قد يسحبوهم إلى السجون ، ليقضوا أيامهم بين مرارة الوحدة وذاكرة تحرق ..


وقد يطلقون سراحهم ، لتقتلهم الذاكرة في اليوم ألف مر ، فيعيشوا العار كلما رنت في آذانهم صرخات عرضهم المذبوح ..


أعلمت كيف يقتلون الرجل ويبقى حياً..


قال الابن : عندما يقتحمون بيتنا .. سأقتل أمي وأختي أولاً ..