الخميس، يونيو 11، 2009

براءة على الرصيف ...


براءة ملقاة على الطريق ، براءة ملقاة على ضفاف الشوارع ، من الذي ألقاها ؟ ولماذا أُلقيت ؟ ومن ذلك الذي يفرط ببراءة ويرميها على الرصيف أو بجانب حاوية نفايات ..؟

فتح عينيه على هذه الدنيا فوجد نفسه ملفوف بثوب من عار ملقى على باب مستشفى ، كل الأطفال بسنه مكانهم الآن سرائر المشافي يرقدون بأحضان أمهاتهم ، ملفوفون بكل الرعاية والاهتمام ، وقد احتفل الجميع بالمولود الجديد ، كلهم على هذا الحال إلا هو كان على باب تلك المشفى ، يجول بنظره بين أقدام المارة يبحث عن من أتى به إلى هنا فلا يجد .، يظل ينتظر كثيرا علّهما يخرجان من باب المشفى الذي يرقد امامه ، ولكن لا أحد ...

لا أحد سوى أٌناس غريبون أخذوه وأطلقوا عليه اسمه الجديد ، فمن الآن وصاعدا هو اللقيط ، وبجانب مجهولي النسب كان مكانه ، ليرقد بجانبهم يبحث معهم في جدران الغرفة المغلقة على من أتى به إلى هذه الدنيا وحيدا ... ولكنه لا يجد سوى صورة ظل الشمس على جدار الغرفة يكون مرة في الشرق إذا أصبحوا وفي الغرب أذا امسوا ...





وهكذا يكبر اللقيط وتكبر نظرة المجتمع النابذة له الرافضة لوجوده ، فكلما مرَّ بأحد قالوا : هذا اللقيط أو هذا ابن الحرام ، أو انظروا إلى ابن الزنا ..، واذا أراد أن يدخل مدرسة فلا يدخلها مثل باقي البشر وان سأله أحدٌ يوماً عن اسم والده عجز عن الاجابة ، ويكبر اللقيط بلا أي حق في الطفولة أو اللعب أو الدراسة أو العمل أو حتى الزواج ، وقبل كل ذلك حقه في حضن دافىء يركن اليه ، في أشخاص يناديهم : ماما.. بابا كما كل الأطفال في الكون ...
وتبقى نظرة المجتمع تطارد البريء ، تزرع في قلبه حقدا أكثر على من حوله ، ويزيد في قلبه حب الانتقام من الذين جعلوه في هذا العالم منبوذاً ، وألصقوا به اسم " لقيط " ...



إذاً ، فإلى متى يظل المجتمع ينظر بنظراته المتخلفة إلى هؤلاء الأبرياء ، يقتلهم وقد وُلدوا أمواتاً ..
لا بد أن يحدث تغييرا في ثقافة الناس حول هذه القضية ولا بد من أن يتم انشاء جمعيات خاصة بالبراءة الملقاة على الرصيف ، لا أقول لتأخذ لهم أقل حقوقهم ، لا بل لتعطيهم كل حقوقهم كاملة ككل انسان ، فما من ذنب ارتكبوه هؤلاء وكَوْنُهُم أنهم نتيجة ذنب أو خطيئة لا يعني أنهم أخطؤوا بشيء .. لذلك علينا أن نقلل من نظرتنا القاتلة وتعاملنا الجارح مع مجروحي القلوب ، وبدلا من أن نزيد جروهم النازفة أن نعمل على ان تندمل تلك الجروح بأيدينا .

وكلمة أخيرة أوجهها إلى أصحاب النفوس الدنيئة ... إن في نفس تلك السويعات القليلة التي تقضون بها متعتكم الزائفة تخلقون حياةً لبشري مدمّر وتحكمون عليه بالإعدام من قبل الميلاد . وتجعلون أنفسكم في لعنة من نتاج متعتكم الزائلة تلعنكم إلى يوم الدين ، انهم يلعنوكم في كل لحظة ، كلما أحسوا بالبرد، بالجوع ، بالقسوة ، بالحب ، بالظلم ،بالفرح والحزن . ووالله انكم لمجرمون ...
غير أن لعنة الله عليكم الى يوم الدين





أقترح أن نبدل اسمه الذي ألصقه المجتمع به من " اللقيط " إلى " البريء "
فهو من الآن فصاعدا البريء ...


*** تجول ببالي كثيراً تلك القضية وأتساءل دائما عن ذنب "البريء" في التهمة التي وجهت اليه ، وهذا ما دفعني لكتابة الموضوع .
أتمنى أن لا تقتصر ايجابيتنا في التعليق بل لنحاول أن نكون إيجابيين في التفكير والتعامل مع هذه القضية .




براءة على الرصيف

هناك 10 تعليقات:

بحر الإبداع يقول...

السلام عليكم

كيفك أخت سجود وشو اخبارك
ان شاء الله تكوني بخير يا رب

اختي بالنسبة لموضوعك فهو للأسف موضوع مزعج يأرق حياة هذا الطفل في حياته المستقبلية ، فهو وكما قلت ليس الذنب ذنبه فلم يعاقب شخص لجريمة غيره
للأسف اختي مجتمعاتنا ظالمة منذ فجر التاريخ ، شاهدي وأد الإناث في المجتمع الجاهلي ، وشاهدي اللقيط في مجتمعاتنا نحن ، ليست بعيدة كثيرة عن المجتمع الجاهلي في الظلم

واذا ما قلت انا وانتي عن هذا الشخص البرئ ، فالمجتمع والقاموس لا يعترف بهذا المسمى

اختي ما اكثرها مشاكلنا ، والمصيبة الكبيرة حين تنتشر في شوارع غزة ونحن قد اكرمنا الله ان نسكن هذه الارض الطيبة

بارك الله فيك اختي وجزاك الله خير الجزاء
دمت في رعاية الرحمن

حياتى نغم يقول...

السلام عليكم / ما شاء الله عليكى أختى سجود موضوعاتك مميزة ورائعة .
موضوع عظيم وخطير وحسبنا الله ونعم الوكيل فى كل ظالم جانى مقترف للحرام وهو به عليم .
جميلة كلمة البرىء وكلمة اللقيط لها أصل من الشرع ولكن الشرع كفل له كل الحقوق التى تساويه وتهتم به كأى فرد فى المجتمع .
حفظ الله شباب المسلمين وردهم إليه اللهم آمين .

حياتى نغم يقول...

ولكن ماذا نقول فى مجتمعاً بعيداً عن الشرع أفراداً ومؤسسات .
حسبنا الله ونعم الوكيل .

جذور الأمل يقول...

حسبنا الله ونعم الوكيل
ولكن مهما قلنا ونشرنا أراءنا هل يتراجعون عن فعلتهم الدنيئة؟؟؟
أرجو أن نحاول النشر عن هذا الموضوع أكثر
لعلنا نحرك ساكناً
وبوركتِ سجود .

عطش الصبار يقول...

الابنه نجود
بوست يلقى الضوء على على ما يعانيه اللقطاء وتاثيرهم على المجتمع بعد ذالك وخصوصا وهم يحملون تلك الوصمه
من القى به على الرصيف هو خائف ايضا وغير قادر على مواجهه المجتمع فقد تكون الام ضحيه اغتصاب او ضحيه كلمات معسوله او زواج عرفى
كلاهما ضحيه وفى حاجه الى دعم نفسى وارشاد ولا نستطيع اعفاء الفضائيات التى تثير الرغبه فى الشباب بالتنوع الرهيب من المناظر الغير مسؤله
عموما يا ابنتى اصبح هناك الكثير من المؤسسات المحترمه التى تحتضن مثل هؤلا ء الضحايا ويبقى عمل وعى دائم لاامثال تلك الامهات الائى يقعن فريسه الحظه الاثمه
عافانا الله
تقبلى تحياتى

سجود يقول...

بحر الابداع

وعليكم السلام ورحمة الله وركاته ، الحمد لله يا اخي بخير انا .
بالفعل هي مجتمعات ظالمة منذ فجر التاريخ ولا يقتصر الامر على اللقطاء او على وأد البنات ولن اردنا ان نعد لن ننتهي وان الجاهليات التي وأدها السلام عادت من جديد بصورة اخرى لكن نفس المضمون .
وانا اعلم باننا لن نغير شيء في حياة البريء ولكن لنحسبها ايجابية على انفسنا ونكون قد حررنا عقولنا ولو قليلا من التخلف وظلم هؤلاء
ونرجو من الله انيطهر غزة وكل البقاع من هذه الجرائم

دمت في رعاية الله

سجود يقول...

حياتي نغم
اهلا أختي بكِ ، بالطبع اعلم ان كلمة اللقيط من الشرع ولكن لاسف اخذ الناس الكلمة وتركوا كل ما فرضه الشرع لهذا الانسان من حقوق
ونسأل الله أن يقي شبابنا وفتياتنا شر الوقوع في مثل هذا
دمتِ بخير

هديل المشهراوي

نحن يا اختي نفعل ما علينا اتجاه هلاء ونقوم بكل ما بوسعنا لعل المجتمع يعي ما نقول ولكننا حتما لن نستطيع اصلاح فكر كل المجتمع
دمتِ بخير ووفقك الله

سجود يقول...

عطش الصبار
أهلا بمرورك الاول اختي الكبيرة

صحيح ان الام تكون ضحية هي الاخرى ولكن هذا يكون لو انها كانت مغتصبة ، وفي هذه الحالة تكون هي الاخرى قد اصبحت حياتها حطام

بالنسبة يا اختي للجمعيات والمؤسسات ، صحيح انها تزداد ولكنها لا تغني الطفل عما يحتاجه من حب ورعاية وحنان

دمتي بخير

"النجم القادم" يقول...

جميل سجود ولكن عذرا مقتدرش اقرا عاوز انام

بس اوعدك اقرا باذن الله لاحقا

سجود يقول...

النجم القادم

اهلا وسهلا ، بس كيف انت لقيت وقت للتعليق وما لقيت للقراءة هههه

اوك انا مسامحاك روح نام ومتأكدة انك راح ترجع تقرأ

دمت بخير