الأربعاء، يونيو 27، 2012

صرخات آية الأخيرة ..





ستصرخ آية صرخاتها الأخيرة وتنام نومة لن تزعج أمها خلالها بكوابيسها التي يتراءى لها فيها أن رجالاً بملابس سوداء يحملونها من جدائل شعرها الخروبيّ المُمَوّج ، ثم يقطعون رأسها بالسكين  ويضحكون بينما دمائها تبلل ملابسهم وسجادة غرفتها الوردية ، نعم لم يغادرها هذا الكابوس منذ أن رأت الرجال ذوي الزي الأسود يقتلون والدها أمام عينيها ..
ولن تستيقظ أمها بعد اليوم فتجدها بلّلت ملابسها وفراشها ، مع أنها لم تكن تفعل ، ولكن صوت القصف المُرَوّع والكوابيس المُرعبة تجبرها أن تفعل.
ستنام آية الليلة دون أن تحتاج أمها أن تعدها بأنّ القصف لن يصل لألعابها وعروستها التي أحضرها أبوها الشهيد،
ودون أن تحتاج أن تحكي لها حكاية ما قبل النوم ، حكاية تختلف عن حكايا سندريلا والأمير وبياض الثلج والأقزام السبعة ، بل حكاية تحكيها أمها عن أبيها ، كيف هو الآن في الجنة البعيدة يأكل وينام بأمن دون خوف من الرجال ذوي الزي الأسود.
ستصرخ آية صرخاتها الأخيرة ، وتسقط بين ركامٍ وعظامٍ ودماء ، وسيصبح لون شعرها الخروبي أرجوانياً ، وبعد أن يتسوّل الصليب الأحمر ساعة وقف إطلاق نار ، ستركض أمها الأرملة كمجنونةٍ تبحث عن بقايا أنفاس في جثة ابنتها الوحيدة ،، تبحث في الجثث ، تُلقي بنفسها على جثة محروقة ..أتراها آية !!لا ، لا ، إنها ليست ابنتي ، ابنتي جميلة ذات خدود وردية ، وخدود هذه سوداء متفحمة ، تهم أن تتركها لتبحث عن طفلتها بين الجثث ، تسقط عينيها على عقد ذهبي يتدلى من رقبتها ، فتنكبّ عليها باكية مُوَلْوِلَة :آية ..إنها آية ....
ستصرخ آية صرخاتها الأخيرة ، تسقط جثتها على الأرض التي مُلئت ظلماً وجوراً وتصعد روحها البريئة إلى السماء الطاهرة العادلة ، يستقبلها على باب الجنة محمد الدرة ، يقول لها بعد الترحيب ، :يا أخت العرب أتراكِ من غزة ؟
ترد عليه : لا ، لست من هناك ، ثم إنني لست أخت العرب ، فالعرب باعوا اخوتهم جميعاً ، باعوهم وقت أن باعوا فلسطين ، ثم هانت عليهم الأوطان كما هان الدين فباعوا بعدا سورية ..
يرد محمد : أي أختي .. تعالي هنا إلى رحاب الجنة ، حيث لا ظلم ولا قهر ، تعالي نطير كعصافير هنا وهناك ..
 الشهيدة الطفلة هاجر الخطيب