السبت، مارس 23، 2013

يَا وَطَنَاً كُنْتَ يَوْمَاً كَأُمّي ..




يا وطني الرائع يا وطني ..

يا وطنا صرتَ يوماً كأمّي ، كنت أحبك كمراهق –صدقني- ، كان يدق قلبي لو أسمع اسمك ، لا تغيب عن خيالي في صحوي أو نومي ، كنت لو راودتني فكرة السفر وترك ترابك أبكي ، كنت أرى أن لا شيء يستحق حبي كمثلك..


كنت وقتها رائعاً ، تُشعرني بغناك رغم حاجتك ، كنت تدفئنا نحن الصغار رغم بردك ، كنًا في أحلك ساعات الظلمة نراك منيراً
كنت أرى فيك المثل القائل "تموت الحرة ولا تأكل  بثدييها " ، وكنت أراك وحدك تقف في وجه الطوفان الجارف ، تحاول رغم صغرك مجابهته ، فتنجح ! فقط لأنك كنت صادق.

ولكن ، مالكَ يا وطني أراك انتفخت ، ليس انتفاخ شحمٍ بل ورم!
ترهلت وبدت التجاعيد على وجهك الذي كان كوجه فتاة تُنعت ببدر البدور ،  أصبحت تمتلك معدة سيئة تتقبل كل جيد وفاسد من الطعام ، لا ترفض شيء ، ولأنك كنت تشترط الجميل ، فانهم يغلفون لك القبيح بالأوراق الملونة ، وأنت تعلم أنه قبيحا ، ولكنك تتقبله.

مالك يا وطني بدأت تحتضن بين ذراعيك الفساد ، بعد أن كنت وهو ضدّان لا يلتقيان ، أصبحت مرتعاً للوساطة والمحسوبية والنصب ..
كانت بوابتك هي أسمى ما يتمناه كل نبيل ،كان الدخول منها إليك نصراً من أحرزه  فله كل ألقاب البطولة ، له كل زغاريد النساء الشريفات ..

فمالي أرى بوابتك اليوم  صارت ممرا لقوافل تأتي لتبيت في أبهي الفنادق وتأكل خير الطعام ، تُنشىء مؤتمراً وتنصرف ، صارت ممر المنشدين الراقصين ، والممثلين والمغنيين ، من أراد أن ينشأ ألبوما يأتي إليك ليجمع حوله الخلق المغفلين ، وباسم الوطن –يعني اسمك أنت – يهزون أكتافهم ، وان لم تكن أردافهم على ألحان موسيقى ، أحدهم أفتى بحلّها ، ويعصون الله فيك يا بلد الطهارة يوماً كنت

وأنت بلا غضب ، بل بكل رضى تستقبلهم تقبّل رؤوسهم وتنحني لهم ، تصفق بشدة،و تعطيهم وسام شرف في عنق كل واحد منهم ،
أخاف أن يستمر انحدارك الذي قد ابتدأ ، وأراك يوماً تحمل بندقية محشوة برصاص مزيف ، ترقص بها مع عدوٍ لنا جاء يعطيك دعماً ، كالذي رقص بالسيف المهين مع قاتل أطفال العراق ..

وصدّقني أول الانحدار هزّة كتفٍ على صوت نغم.
أيها الوطن العظيم ، يوما ما شدّت عظمتك أنظار كاميرات العالم ،
واليوم تتصيد هذه العدسات زلّاتك وعثراتك ، تشهّر بك ،باتت تنشر غسيلك القذر ،

يا وطناً كنت أمي وأبي ، كنت أنا ، كنت هواءً ينعش صدري 
حنانيك لا تتحول لزوجة أب تتحين الفرص لتكيد لأبنائه ،
حنانيك لا تتحول إلى أول أكسيد كربون ، نستنشقه ، فنختنق ..
حنانيك يا وطن ، عد كما كنت ، ولكني أعدك لو عدت أنني لن أعد لأحبك كما كنت ، فيا وطني الذي كنت جميلا ، من وجهك القبيح ، تعلمت ..




هناك تعليقان (2):

الآء يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
الشهري يقول...

مؤلمة

ولكنها صادقة :(

أنعم الله على بلادنا بالأمن والطمأنينة
اللهم آمين

أخوكم م. نايف الشهري